الحلقة الأولى بعنوان :
التهزيء الصريح ... في معمل التشريح
المهم .. كان علي في يوم من الأيام معمل تشريح ، وفي ذلك اليوم كنت مريضاً وتعباً ومنهكاً ...
( لا أبالغ إن قلت درجة الحرارة كانت بين 39 - 40 ) ...
الحاصل .. دخلت المعمل وعيوني حمراء من التعب ، وجلست عند الجثة أنتظر الدكتور وبقية الشباب ليأتوا ، وأنا ( مالي خلق ) على المعمل أبداً ، لكنني كنت خائفاً أن يفوتني شيء في تشريح منطقة البطن ( Abdomen ) لأنها كانت معقدة بعض الشيء ...
جاء الدكتور ، فتح الجثة وبدأ يشرح ، و ( أنا والله الدنيا تدور فيني ما أدري إيش يقول !؟! ) ... انتبه الدكتور لطالبه ( المفهي ) واكتشف أنه لا يرغب الدرس من جلوسه من بعيد ...
الدكتور : مالك يبني ؟ تعال أرّب هنا ( باللهجة المصرية )
أنا : شكراً .. دكتور ، أنا مسخن وعند زكام ، والفورمالين يحرق أنفي وحلقي لو أقرب
الدكتور : يا ابني .. خليك راجل ، ما تخفش من الفورمالين ولا حاجة ، افتحو ليه طريق ، تعال جمبي ، أصل أنا بحب الشيوخ !!
أسقط الخلوق في يده واقترب من الدكتور ...
بدأ الدكتور يشرح ثم التفت علي فجأة وسألني سؤال لم أنسه إلى الآن ...
قال لي الدكتور : إيه ده ( وأشر على القولون النهائي "sigmoid colon ") ؟؟
وأنا والله العظيم إني أعرفه ، من أبسط ما في البطن " Abdomen "..لكنني متعب و ( مالي خلق ) ، وإضافة لذلك فاجأني ..
قلت له : ما أعرف ؟
فعلمني إياه ، ثم سألني عن الإثنا عشر " duodenum" ؟؟
قلت له : ما أعرف ؟
غضب الدكتور و ( عصّب ) وقال : لا.. إنت عايز لك شغل جامد !!!
والله يا إخوان مسح فيني البطن "Abdomen " كامل ( وقبلها مسح في وجهي الأرض !!! ) وهو يسألني وأنا أقول له ما أعرف ، وأنا في الحقيقة انمسحت كل المعلومات التي عندي !!
وصار يعلمني ويقول لي .. هذا اسمه كذا وهذا كذا ، ثم يرجع يسألني مرة ثانية ولا أعرف ( من الربشة ) ...
المهم ... صار الدكتور ( يهزأ) فيّ ، ومع أننا مقسمين في المعمل على أربع مجموعات ، إلا أن كل اللي في المعمل علموا عن التهزيء ، حينها تمنيت أني ما حضرت ، وستين داهية في التشريح كله ...
رجعت البيت وأنا منهك وتعبان ، ورحت للوالدة ( الله يطول بعمرها ) أشكي لها وأفضفض لها ( رجال وش كبري والعبرة خانقتني) ، قالت لي وهي تمزح : وين الدكتور عنك من زمان عشان تعرف تذاكر !! على العموم .. رح بكره الصباح له وقل له إنك كنت مريض وإنه كان عندك إجازة مرضية بس فضلت تحضر عشان تشوف مواقع الأعضاء وتحفظها أسماءهها بعدين
ومن الغد ...
ذهبت إلى الجامعة مبكراً كالعادة ... دخلت القاعة وجلست فيها وليس لي وجه أخرج عند الشباب والزملاء ، لكنهم هم أتوا عندي جزاهم الله خير وبدأوا يهدونني ويقولون : عادي ما فيها شيء وطبيعي يصير كذا ... جزاهم الله خير !!
جاءنا نفس الدكتور -الذي شرح لي في المعمل- إلى محاضرة التشريح ، وانبسط وفرح يوم أن رآني ..
(على باله بيكمل التهزيء ) ، وبدأ في المحاضرة ، وكل شوي يسألني وأنا أجاوب مباشرة ، استغرب مني !!!
بعد ما انتهت المحاضرة ... لحقت الدكتور واعتذرت منه عن أمس واللي حصل وأني كنت تعبان وفيّ صداع وحرارة ،
قال : ليش ما قلت لي ؟؟
قلت له : قلت لك يا دكتور بس أنت قلت لي خلك رجال !!!
قال : ما فيه مشكلة ، ما تزعلش مني ، أصل احنا همنا مصلحتكو
وبعد هذي السالفة ... صار الدكتور يحترمني احترام شديد ، ودائماً يناديني : يا عمي الشيخ !!!
انتهت
****************
الحلقة الثانية
وقبل أن أذكرها لكم ... أود أن أشير إلى أن ما سأذكرها ليس استهزاء ولا ازدراء !
ولكن من قبيل الوصف لأساتذتي الأفاضل المصريين الذي أكن لهم كل احترام وحب وتقدير ...
السين ( س ) والثاء ( ث ) عند إخواننا المصريين
**************************************** *****
أذكر لما كنا في سنة أولى ، في مادة البيولوجي ( الأحياء ) بالتحديد ...!!!
دخلنا على باب الغدد الصماء ، بدأ الدكتور في المحاضرة الأولى وأعطانا نبذة عن الهرمونات ...
أذكر أنه ( ما كان رايق ) في تلك المحاضرة ...
ولذلك ...
تكلم بشكل عام دون تفصيل عن أنواع الغدد وعن أشكال الريسبترز والمستقبلات لها ...
على أي حال ...
المحاضرة الثانية ( من بكره ) أراد الدكتور يتكلم عن الغدد بتوسع وجعل يناقش الطلاب !!
وسأل سؤالاً يريد به فتح النقاش ..
ماهي الغدة المتحكمة في غدد جسم الانسان بشكل عام ... ؟
اختلف العلماء - أقصد الطلاب في المسألة ... ف
منهم من يقول الدرقية ومنهم من يقول النخامية ( طبعاً كنا نقولها بالعربي لسه سنة أولى ) ...
قال الدكتور ( لا زم تاخذون جو إنه قاعد يتكلم مصري الآن ! ) :
الجواب الصحيح هو النخامية اللي اسمها بيتيوتري ( Pituitary Gland ) ، لكن مش هي كل حاجة ، في عضو صغيرجداً في الدماغ بيسموه الهايبوسلمس هو اللي بيتحكم في بيتيوتري ( Pituitary ) ...
( الحقيقة هي أن اسمه هايبوثلمس ( hypothalamus ) وليس هايبوسلمس )
المهم ... بدأ الدكتور يشرح !!!
والهايبوسلمس فيها والهايبوسلمس مافيها ...
والهايبوسلمس تسوي والهايبوسلمس ما تسوي ...
وحنا داخلين معه جو !!!
بعد كذا صاد الدكتور طالب يلعب بالجوال ... قال له وقف ...
ثم سأله سؤالاً ليبهته ويحعله يسقط في يده .. فقال :
إيه هو العضو في الجسم اللي بيتحكم في كل الغدد وخصوصاً في غدة البيتيوتري ( Pituitary ) ؟؟
الطالب سكت شوي بعيد قال : الهايبوسلمس !!
تغير وجه الدكتور بعيد قال :
انته بتهزر ؟؟؟ ايه يعني هايبوسلمس ؟؟!!؟؟
مرت لحظة صمت طويلة بعد صرخة الدكتور وصار الجميع يترقب الموقف ... !!!
الطالب استحى شوي بعدين شد حيله وتكلم بكل براءة وقال :
آسف دكتور ..
بس طول المحاضرة أنا أسمعك تتكلم عن الهايبوسلمس قلت أكيد هي الجواب الصحيح !!
( مسكين .. على باله الدكتور مدقر على الجواب ما يدري إن المشكلة شي ثاني )
طأطأ الدكتور رأسه وهو يضحك وقال :
برضوه
بعدين قام وكتبها على السبورة البيضاء ..
وقال :
" اسمها Hypothalamus ( هايبوسلمس ) ... بالساء وليس بالساء"
( طلعوا لي الفرق بالله عليكم !! )
.
الحمد لله إننا عرفنها لما سألنا زملاءنا الأكبر سناً ...
ولا كان إلى الآن اسمها هايبوسلمس ... !!!
لأن اللي درسنا تشريح مصري ويقول : هايبوسلمس !!
واللي يدرسنا فيسيولجي في الإيندو كراين ( الهرمونات ) مصري ويقول : هايبوسلمس !!
واللي درسنا هيستو ( أنسجة ) مصري ويقول : هايبوسلمس !!
واللي درسنا إمبريو ( أجنة وارحام ) مصري ويقول : هايبوسلمس !!
واللي درسنا باثو ( أمراض ) مصري ويقول : هايبوسلمس !!
واللي درسنا فارما ( أدوية ) مصري ويقول : هايبوسلمس !!
صراحة ... حتى لما قريتها من الكتاب بعد أول محاضرة في البايولوجي ( الأحياء ) حسبت لها بروناونسيشن ( يعني طريقة نطق خاصة ) خاص وهو الهايبوسلمس !!!!!!!!!
لكن أبشركم .. صرنا نعرف معناها الآن ولا كان علوووووووووم !
انتهت
*************
... اللقافة واستعراض العضلات ...
كان أحد الطلاب عندنا تعبان نفسياً بعد خروج نتائج مادة البايو كيمستري ( الكيمياء الحيوية ) ...
أنا شخصياً لا أرتاح إليه ..
لكني كنت متعاطفاً مع حالته النفسية ( بالعربي كاسر خاطري ) ...
المهم ..
في معمل التشريح تجمعنا على الجثة وبدأ االدكتور يشرح عليها ...
اكتشف الدكتور أن أخونا المسكين مفهّي وما هو حول المحاضرة ...
ثم ناداه الدكتور وسأله عن شيئين في منطقة الفخذ من باب اختبار مدى المتابعة في التشريح ...
وفي كل مرة يتسلط على هذا المسكين أحد الطلاب الملاقيف ويدخل على الخط ويتكلم ويجاوب ...
ونحن الطلاب بيننا كلمة شرف ( متفقين على الدكتور ) ...
بحيث إذا أحدنا لم يعرف الإجابة فإن الجميع يسكت ... حتى يشك الدكتور في نفسه إنه ما شرح زين ...
فيعيد الشرح من جديد ... !
المهم ...
عزمت على إن سأل الدكتور هذا الطالب المسكين مرة ثالثة وتدخل هالملقوف إني لأسكته ...
ويصير اللي يصير ...
وفعلاً ...
سأل الدكتور الطالب عن عضلة وما عرف صاحبنا الجواب ...
ثم دخل الملقوف مرة ثالثة على الخط وجاوب بسرعة ...
ثارت ثائرتي ... وقلت لهالملقوف
( طبعاً ما أمدح نفسي .. لكني معظم طلاب الدفعة يقدرونني ويحترمونني ولي كلمة بينهم )
أنت استغلالي ... حرام عليك ...
خلي الرجال يجاوب وإذا ما عرف الدكتور يعلمه !
لا تفرد علينا عضلاتك وأنت ما عندك سالفة ...
حينها !!!!
سكت الملقوف ... وانبسط اللي ضايق صدره وضحك ... وتهزأ الخلوق من الدكتور
( بس تهزيء خفيف ... لأن علاقتي ممتازة مع هذا الدكتور بسبب الموقف اللي بيني وبينه من قبل )
***********
الحلقة الرابعة
فحص بدون قفازات !!!
***********************************
هذا الموقف حصل لإحدى الأخوات الفاضلات في المستشفى ... تحكي عن نفسها وتقول :
أنا الآن في سنة رابعة ...
أول روتيشن في مادة الـ Medicine ( طب الباطنية ) وأيضاً هوأول روتيشن لي بالمستشفى ...
كان من حظي أني كنت مع الدكتورة فلانة الفلاني...!!!
وكنت قد عرفت هذه الدكتورة لما عطتنا محاضرة في مادة الـ clinical skills ( كيفية الفحص بالأدوات ) ...
كان شرحها جيداً .. حيث كانت تسألنا وتجعلنا نشارك معاها .. وكانت بشكل عام متحمسة في شرحها
ولما قالوا لنا أن أول اسبوع بالميدسن راح يكون معاها ... تفاءلت خيراً (بكل براءة) !!!
أول يوم معاها ...
تفاجأت بالحقيقة الغائبة أو المغيبة !!!
كان شرحها لا يسمى شرحاً ...
ممكن تسموه استفزاز .. سخرية .. منّ .. أذى ... طبعا لكل الجروب !!!
حتى أنها سخرت من نطقنا لبعض الكلمات وكانت تعاملنا على أننا أطفال بأول ابتدائي ... !!!
وكل اللي أخذناه في هذا اليوم تاريخ مرضي واحد تفضلت به وحدة من الطالبات ...
وأيضاً وشي بسيط عن فحص اليد والرأس على مريضة عندها فقر دم منجلي على ما أذكر !
هل تتوقعون أني بعد هذي الصدمة تحطمت... ؟
بالعكس تمالكت نفسي وصرت متحمسة أكثر من قبل !!!
ولما رجعت البيت قرأت كل اللي أقدر أقرأه بخصوص اللي عطتنا إياه ...
وحتى واللي بتعطينا اياه في اليوم اللي بعده !!!
في اليوم الثاني ...
تاريخ مرضي ثاني اتفضلت به طالبة من الطالبات (باختيار الدكتورة طبعا) ...
ثم بعد ذلك ...
كانت تريد أن تكمل لنا الفحص على البطن ...!
فأخذتنا إلى مريض عنده سرطان في الكبد (الله يدفع البلاء) وكان الكبد متضخم عنده بشكل رهيب...
وعنده صفار غريب (للحين ماشفت مريض عنده صفار أكثر منه)... !!!
المهم أن سعيدة الحظ (أختكم ومحدثتكم) كانت واقفة مباشرة جنب الدكتورة ...
وكنت قبل ما أدخل الغرفة أخذت لي زوج من القفازات ...
فجأة .. التفتت لي الدكتورة وقالت افحصي يد المريض ... خذي النبض !!!
مسكت يد المريض وأنا لابسة القفازات ...
فجأة وبكل همجية .. صرخت وقالت لي : شيلي القفازات
وبكل براءة نزعت القفاز الذي كان بيدي اليساروحاولت أن أكمل الفحص !
زأرت عليّ .. وقالت :
شيليهم اثنينهم وأنا ما يعجبني لبس القفازات .. وما أشوفك مرة ثانية لابستهم .. إيش اسمك..؟؟
طبعاً قلت لها اسمي ونزعت كلا القفازين بهدوء ومسكت يد المريض ويدي ترجف !!
حسبت النبض فوجدت .. شي و 60 في الدقيقة (مع العلم إني متعودة من قبل أني احسب النبض)
مسكته الدكتورة وتأكدت بنفسها ...
ثم قالت لي بكل وحشية : خطأ .. عيدي مرة ثانية !!
أعدته وطلع معي .. شي و 70 في الدقيقة
قالت بانفعال : خطأ .. عيدي !!
أعدته مرة ثالثة وما زالت يدي ترتجف فطلع عندي .. شي و 60 في الدقيقة
الشئ المحزن أن إحدى الأخوات تقدمت (كأنها طفلة ..عذرا) ...
وقالت للدكتورة : أنا راح أحسب النبض ...
وحسبته ثم قالت : 80 في الدقيقة !!!
فقالت لها الدكتورة : صح ... !!!
مر ذاك اليوم بصمت رهيب ... كنت أحس نفسي ما أشوف اللي قدامي ... !!
رجعت البيت وأنا منهارة وكل ما مر الوقت تعبت نفسيتي أكثر..
أول ما وصلت البيت كانت عائلتي الكريمة على الغداء ...
وقفت أشوفهم وأني ساكتة مدة 10 دقائق أو 1/4 ساعة ...
شوي شوي قام جسمي كله يرجف رحت مكان ثاني عشان ماحد ينتبه ...
هدأت نفسي ...
ورجعت وقلت للوالد : أبوي!!!
قال لي : نعم ... ؟
ورجعت رجفتي وانتفاضتي مرة ثانية !!
وسألته : إيش حكم أني أمسك يد رجال غريب عشان أفحصه ... ؟؟؟
ما قدرت أكمل كلامي لآخره !!!
انتحبت ... وصرت أبكي وأبكي بشكل محزن حتى ما شالتني رجلي وجلست على الأرض ... !
بقيت أبكي إلى أن استطاع الوالد الكريم أن يسيطر على الوضع ...
هدأني ...
وجاب كتب الأحكام وقرأ لي أحكام هذي المسائل بنفسه ...
فجزاه الله خيراً !!!
:: انتهت ::
**********
لكن ما أتعجب منه أنا ... !!
لماذا هذه الازدواجية الغريبة العجيبة ؟؟؟
أليس في المستشفى نساء تستطيع أخواتنا الفاضلات فحصهن بعيداً عن الإحراج ؟؟؟
وفي الجانب الآخر ...
أليس في المستشفى رجال نستطيع نحن الذكور فحصهم بعيداً عن المحاذير الشرعية ؟؟؟
عجبي !!!
.
.
على أي حال ...
ترقبوا الحلقة القادمة عن موقف حصل لأحد الزملاء ...
وكان قد أقسم على نفسه أن لا يفحص إمرأة وهو طالب إلا لضرورة قصوى !!!
**************
الحلقة الخامسة
هذا موقف حصل لأحد زملائي المقربين جداً إلي في آخر اختبار عملي له في الكلية قبل التخرج ...
سرطان الثدي
المكان : في قسم الجراحة بالمستشفى التعليمي بالخبر ...
الزمان : آخر يوم لزميلي في كلية الطب ( يوم الأربعاء الساعة 9 صباحاً ) ...
يقول لي صاحبي ...
منذ أول مرة دخلت المستشفى طالباً في السنة الرابعة ، قطعت على نفسي عهداً أن لا أمس امرأة ...
ولا أكشف على امرأة مهما كانت الأسباب !!!
ومضت الأيام وها أنا الآن في آخر يوم لي في المستشفى وأنا طالب ... !
وكنت أحمد ربي كثيراً على أن وفقني في أن أنفذ الوعد الذي قطعته على نفسي ... !
على أي حال ...
توجهنا إلى قسم الجراحة ... حيث آخر اختبار وآخر كورس لنا في الكلية
وقفنا في الممر ...
ننتظر البروفيسور يأتي ليوزع علينا حالات الاختبار !!!
هاهو قد جاء ... وبدأ يوزع علينا الحالات التي سيختبرنا بها ..ب. قائلاً :
فلان ... اذهب إلى غرفة كذا
فلان ... اذهب إلى غرفة كذا
صالح ... وين صالح ؟؟؟
قلت :
نعم يا بروفيسور ... أنا هنا !
قال :
اذهب إلى غرفة 122 A مريضك هو امرأة مصرية !!!
فتوجهت إلى تلك الغرفة وأنا أسأل الله أن ييسر علي وأن يبعد عني فحص تلك المرأة ...
استأذنت ودخلت الغرفة ومعي الممرضة ...
إليكم ما رأيت !!!
رأيت امرأة مصرية عمرها 39 عاماً تعاني من سرطان الثدي ( Breast Canser ) !!!
سلمت عليها ... ثم ردت علي السلام وقالت (بالمصري) :
أنت اللي عينوك عشان تختبر عليّا ... أصل الدكتور آل لي إنه في شب حـ ييجي ويفحصني ...
واُلت ليه إني ما عنديش مانع !!!
يقول صاحبي :
قلت لها خيراً إن شاء الله ... بس ما فيه داعي للفحص السريري ، يكفي إني اسألك عن الأعراض المرضية ...
( وهذه طريقة كثيراً ما نستخدمها للهروب من فحص النساء )
فردت علي وقالت :
لأ لأ ... لا زم تشوف وتتعلم بنفسك ، إنت شب وعايزين تكون دكتور أد الدنيا !!!
المهم ...
أنا ضعت في خرايطها !!!
وضاق صدري كثيراً ...
وقلت في نفسي ... :
أنا قطعت عهداً أن لا أفحص امرأة مهما حصل ... حتى لو كلفني ذلك أن أتأخر دراسياً
ويجب أن أنفذ وعدي مع نفسي !!!
استأذنت من المريضة وخرجت وأنا أفكر ...
ماذا أستطيع أن أفعل لأخرج من هذه الورطة ؟؟؟
استعنت بالله ... وقررت أن أذهب إلى البروفيسور وأطلب منه تغيير الحالة !!!
ليس من العادة أن يوافق الأطباء تغيير الحالات ... لكني سأجرب !
ذهبت إليه ... وطلبت منه تغيير الحالة
تعجب البروفيسور كثيراً وقال : ليش ... ما عرفت المرض ؟
قلت له : بلى ... عرفت المرض ، وهو سرطان الثدي(Breast Canser)، قالت لي هي ذلك !
فقال لي : خلاص ... ما بقي لك شيء ، افحص الـ Breast الآن وحدد السرطان في أي مكان ولوب !
قلت له : أنا يا بروفيسور في حياتي ما شفت Breast طبيعي عشان أشوف Breast فيه سرطان !!!
عندها ضحك البروفيسور كثيراً كثيراً كثيراً ...
وقال : خلاص خلاص ... شوف ... فيه عندنا عامل بنقالي مهب عارف يتكلم .. لا عربي ولا انجليزي ، إن عرفت له ... لك مني درجة ما تحلم فيها + B !!!
يقول صاحبي :
طرت من الفرح ... وذهبت لغرفة ذلك البنقالي ووجدته فعلاً كما ذكر !!!
لا عربي ... ولا انجليزي !!!
ثم ناديت أحد عمال النظافة في المستشفى ... وطلبت منه يترجم لي
قال : لا لا ... أنا فيه واجد مشغول !!
قلت له : أعطيك 100 ريال وتترجم لي ؟؟؟
ماصدق هذا العامل خبر ... وقال : خلاص ما فيه مشكل !!
والحمد لله رب العالمين ...
شخصت المريض !
وأخذت الدرجة العالية !
ولم ألمس طيلة دراستي امرأة !
كل هذا بفضل الله أولاً ثم مراقبته وتقواه ... ومن يتق الله يجعل له مخرجاً !!!
انتهت
************
الحلقة السادسة
هذا موقف طااااازج ... صار لي يوم الأربعاء الموافق 12 / 4 / 2006 م
طبعاً هذا الموقف مستحيل أنساااااه ..
عنونت له باسم :
"الخلوق" دكتوراً ... !
جدولنا الدراسي ليوم الأربعاء يبتدئ بمحاضرتي Psychiatry (طب نفسي) ...
يليهما محاضرة Parasite (علم الطفيليات) ...
ثم Pharma (علم الأدوية) !!!
المهم ...
نحن الآن على مقاعد الدراسة ...
انتهت المحاضرة الأولى للسايكولوجي وأخذنا على إثرها بريك استراحة بسيط لمدة 10 دقائق ...
ثم ها نحن نعود مرة أخرى لنكمل المحاضرة الثانية !
ولأن اختبار يوم السبت القادم في نفس المادة ( يعني طب نفسي ) ...
لم يطل الدكتور في المحاضرة ...
حيث أنهاها قبل المحاضرة التالية بحوالي 20 دقيقة ... !
ورغبة مني في استغلال هذا الوقت النفيس ...
ناديت في الطلاب أننا نريد مناقشة جدول اللابات والمعامل .. ونتمنى من الجميع المكوث وعدم الخروج !!!
قمت أنا بعدها في مقدمة القاعة (بحكم أنني منسق الدفعة ) ...
ووضعت الفلاش ميموري الخاص بي في جهاز الكمبيوتر ...
لأعرض الجدول الذي عددته مسبقاً على زملائي الطلاب بواسطة البروجيكتر !
بدأت في عرض الجدول .. ومناقشة الزملاء !!!
كان المشاهد لجلوس الطلاب واستماعهم لي ومناقشتهم بأدب واحترام .. وأيضاً هيئتي الشخصية ووقوفي أمام الجميع بثقة ...
يوحي بأني دكتور في أحد المواد !!!
وهذا ما حصل فعلاً ... !!!
حيث دخل علينا دكتور مادة الباراسيت ونحن في هذه الحال ...
دخل بسرعة للقاعة ... ووقف متفاجئا بالمنظر !!!
فما كان مني إلا أن اعذرت منه متأسفاً ... ظناً مني أنه منزعج مما رآه مني ومن أخذي من وقت محاضرته ... !
وطلبت منه نصف دقيقة فقط حتى أزيل فلاشي وأغلق العرض ...
ما أنهيت كلامي حتى قال لي : معليش معليش ... ثم خرج الدكتور من القاعة ووقف ينتظر خارجاً ...
لملمت أغراضي وخرجت من القاعة ...
كنت متعجباً من طريقة خروج الدكتور بأدب وانتظاره لي حتى أخرج من القاعدة !!!
وعلمت فيما بعد ... أن الدكتور كان يظنني دكتوراً من أعضاء هيئة التدريس لذلك خرج من القاعة ولم يدخل حتى خرجت ... !!!
وهكذا ... أصبح الخلوق ... دكتوراً ولمّا يتخرج بعد !!!
:: انتهت ::
**************
الحلقة السابعة
قائمة المطلوبين 26 !!!
ذهبتي كعادتي إليها مبكراً ...
فأنا من أوائل الطلاب حضوراً إلى الجامعة !!
وهذا ليس تميزاً بقدر ما هو روتين يومي لي حيث أستيقظ قبل الدوام بساعتين لأوصل إخواني إلى مدارسهم ...
وضعت مذكراتي في القاعة وخرجت في الممر أتفقد لوحة الإعلانات ...
جداول الاختبارات ..
إعلانات ..
اللائحة التأديبية ..
حينها شد انتباهي شيء وضع بجانب تلك المنشورات ... !
ورقة مكتوبة يدوياً باخط العريض مكتوب فيها :
.... إعلان هام ....
ثم قائمة من 26 اسم ذيلت بعبارة :
" على الطلاب المذكورة أسماءهم مراجعة د. وكيل الكلية للشؤون الأكاديمية للمرحلة قبل السريرية وذلك للضرورة القصوى "
بدأت أقرأ الأسماء من باب الفضول واللقافة ...
وإلا أنا أعرف نفسي .. ما عندي مشاكل ولا شيء !
المهم ...
وبتسلسل ...
وصلت عيني إلى الرقم 25 ومكتوب فيه اسمي !!!
المشكلة إن كل الأسماء الموجودة تخوف وما تبشر بالخير وكلها عليها طلعات ومشاكل !!!
ذهبت لمكتب وكيل الكلية للشؤون الأكاديمية ...
ما بعد داوم إلى الآن !!!
وقفت عند باب المكتب أنتظره إلى أن بقي على محاضرتي دقيقتين ...
ذهبت ( طيران ) إلى القاعة ...
والحمد لله .. لحقت أدخل قبل دكتور المادة لأني ما أحب أدخل بعد أن يدخل أي دكتور !!!
مرت عليّ المحاضرة بطيئة جداً وأنا انتظر متى تنتهي ...
أبشركم ... انتهت !
وبسررررررعة على مكتب الوكيل ...
ولسّه ما بعد جاء إلى الآن !!!
سألت السكرتير فقال لي :
إن الدكتور وكيل الكلية عنده محاضرة الصبح مع طلاب أحد الأقسام ... وعنده اجتماع مع الإدارة بعد شوي !
قاطعت السكرتير وسألته :
طيب ... متى ممكن أقابله ؟؟؟
قال لي :
بعد المحاضرة الثالثة ... !!!
والله يا أحباب إن الوقت قد مرّ علي ببطء شديد جداً ما مر علي مثله أبداً !!!
المهم ...
رآني الشباب والأحباب أني غير مطمئن وأني قلق ومتوتر وغير مرتاح في ذلك الوقت ...
فجزاهم الله خيراً بدأوا يهدونني ويطمنوني إن مافيه إلا خير ...
( أنا اعتبر من أهم الأشياء اللي تساعد الطالب في مسيرته الطويلة والشاقة في الكلية إخوان يعينونه ويسلونه )
على أية حال ...
انتهت المحاضرة الثالثة !!!
وذهبت مباشرة لمكتب د. وكيل الكلية .. والحمد لله لقيته !
استأذنت ودخلت عليه ...
رحب فيني جزاه الله خير ...
وجلس يسولف معي عن الدراسة ومشاكلها ويمدح فيني وأنا شايف نفسي أحسب على كذا ...
تطمنت وارتحت ..
ثم أخذت نفساً عميقاً بكل ثقة وسألته :
يا دكتور .. وجدت اسمي معلق على قائمة 26 ... عسى ما شر ؟
( سموها الشباب "قائمة 26" تشبيهاً لها بقائمة الإرهابيين في ذلك الوقت )
قال لي :
أفاااا ..
قلت :
خير إن شاء الله .. وش المشكلة ؟؟
قال :
هذي أسماء أرسلها لنا الدكتور لطفي ...
يقول انهم يتكلمون بمحاضراته ويشوشون عليه وأنهم يهينونه ويطنشونه ولا يحضرون و ... و ... و ... !!!
( الدكتور أو البروفيسور عبد الحميد لطفي هو سوداني وهو أكبر بروفيسور في الكلية عندنا ويعد من المؤسسين لها )
وبدأ وكيل الكلية يقول كلام طويل عريض غريب !!!
بصراحة .. تحطمت !!!
ولو كنت واقف كان طحت على رجليني ... وحسيت بعدها بلحظة كره للناس كلهم !!!
ثم استجمعت قواي وقلت :
دكتور مومعقولة ...
أنا أعرف نفسي زين كل شيء أسويه إلا إهانة واحد يدرسني .. أبوي رباني على كذا من كنت صغير !!
تصدق يا دكتور .. سماني مجموعة من الشباب "الخلوق" وصار لفظ دارج لي في الدفعة !!!
قال الدكتور :
عاد هذا اللي في التقرير !!!
قلت للدكتور :
والنتيجة ؟؟؟
قال لي :
ستوقعون على تعهد للفصل من الجامعة ...
وتحرمون من حضور محاضرات الدكتور ...
وستعطون إنذاراً بحرمان المادة إن تكرر ذلك مستقبلا !!!
قلت للدكتور :
إييييييييش ... طيب ممكن يكون فيه لبس ولا شيء ؟؟؟
قال لي :
إذا تبي نصيحتي كأب .. رح للدكتور لطفي واعتذر منه !!
قلت للدكتور وكيل الكلية قبل لأطلع من المكتب :
أعتذر منه على إيش ... على إيش ؟؟؟
اسأل أي واحد يجيك من الطلاب عني .. هل ممكن أسوي نصف التهم فضلاً عنها كلها ؟؟؟
المهم .. خرجت من الكتب ويغمرني شعورين قبيحين جداً ...
الكراهية والغضب !!!
ومباشرة على مكتب الدكتور لطفي وأنا خايف ما ألقاه ...
طرقت الباب ... رد علي ... دخلت ...
أنا :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... بروفيسور
د. لطفي :
وعليكم السلااااااااام ، أهلين ابني .. كيف الحال ؟؟؟
أنا :
الحمد لله طيب يا بروف ... ممكن أجلس ؟؟
د.لطفي :
تفضل .. تفضل
أنا :
بروف .. كنت أنا عند د. وكيل الكلية بخصوص موضوع انك اشتكيتنا عنده ...
د.لطفي :
ما معقول يا ابني .. ما معقول .. انتا معاهم ؟؟؟
انت طيب وكويس وهادي وتشارك كمان معايا في المحاضرة !!!
أنا :
طيب ايش المشكلة ؟؟
د.لطفي :
آه آه آه .. ممكن انت تغيب كتييييير
أنا :
غبت محاضرتين يا دكتور طول السنة أول محاضرة ، والمحاضرة اللي وزعت فيها أوراق الاختبارات .. بس
د.لطفي :
كدا معقول .. أن أرسلت للدكتور أسماء اللي بيزعجوني مع أسماء اللي ما ستلموا أوراق الاختبار !!!
أنا :
يعني أنا ما عندي مشكلة .. بروف ؟؟؟
د.لطفي :
لا أبداً ...
ثم بدأ د.لطفي يسولف عن الدراسة ومشاكلها وهو رايق !!!
وأنا ما نب فاضي له ودي أروح للوكيل حق الكلية عشان أقول له إني ما عندي مشكلة ونخلص !!!
ضحكت في وجهه ضحكتين ثم اسأذنت منه ...
وطيران على مكتب د. الوكيل وقلت له إني ما عندي مشكلة وأن الأمر حصل فيه لبس ...
وطلبت منه تغيير القائمة عشان ما ننفضح قدام كل الطلاب !!!
ووافق جزاه الله كل خير ...
انتهت السالفة ...
ولم ينتهي تعيير الشباب من حولي بأنني مطلوب في قائمة 26 !!!
انتهت
**********
الحلقة الثامنة
أسئلة الاختيار المتعدد
هذا الموقف حصل لأحد زملائي المحببين إلى نفسي اسمه خالد يوم أن كان هو في السنة الأولى في الكلية ...
طبعاً هو حالياً ... طبيب متخرج - ما شاء الله - ويزاول المهنة الطبية !!!
سأتحدث في هذه القصة بلسانه ... فأقول :
اليوم أحب أن أقدم لكم احد مواقفي يوم كنت في السنة الأولى ... بس لا أحد يضحك عليّ
في بداية سنه أولى ...
كان محدثكم قد بلغ الغاية في إجادة اللغة الانجليزية .. بروفسور
مرت الأيام وأنا أترنح بسبب الضعف في اللغة ...
وجاءت الاختبارات - وهي باللغة الانجليزية - وأنا لازلت على حالتي الصعبة !!!
وفي أحد الأيام ...
كان عندنا اختبار فيزياء !
وزعت الاوراق .. و بدأنا حل أسئلة هذا الاختبار المبارك !!!
طبعاً أسئلة الا ختبارات في الكلية تكون غالباً على طريقة الا ختيار المتعدد ... a, b, c & d
كنت أحل بكل ثقة ...
وفجأة .. إذ أنا بسؤال يواجهني لم أفهمه و ما أدري إيش المطلوب ؟!!!
لكن ظاهره كان كغيره من الأسئلة !!!
نص سؤال طويل .. ثم تحته كتبت الحروف على شكل الخيارات المعتادة a, b, c & d
حاولت أن أقنع نفسي أنه كالأسئلة السابقة وبدأت أتمعن في الاختيارات ..
حقيقة ... مما أثار إعجابي واستغرابي أن السؤال غير قابل للحل بهذه الطريقة !!!
لكن ما فهمته ( من شكل السؤال ) أنه اختيار متعدد ...
فاخترت إجابة عشوائية و بطريقة فهلوية !!!
والحمد لله على كل حال ...
خرجنا من الاختبار .. و ذهبت اسأل الشباب عن السؤال الفلاني قائلاً :
يا شباب .. أي اختيار من الخيارات هو الخيار الصحيح للسؤال رقم كذا ؟؟؟
لكن الشباب لم يفهموا مقصودي ( وهذا من فضل الله عليّ ) ...
فسويت نفسي فالح ودافور .. وذهبت للدكتور وقلت له :
دكتور إيش إجابة السؤال الفلاني ... أي اختيار ؟؟؟
طارت عيون الدكتور وطلعت من مكانها ... وقال :
أي اختيارات يا بني .. شو هالحكي .. شو هو اسمك ؟
قلت له :
اسمي خالد
بحث الدكتور عن ورقتي وأخرجها ... وقال :
تعال ابني أي سؤال هو اللي بتحكي عنه ؟؟؟
وبكل براءة وسذاجة وحسن نية ... أريته السؤال و الإجابة !!!
بدأ الدكتور يضحك ضحك غير طبيعي بشكل هستيري جعلني في قمة الإحراج وكأني غبي !
صرت أقول له :
إيش فيه يا دكتور ... فيه شئ غلط ؟
قال :
شو ابني .. إنت كيف حليت هالسؤال ؟؟ ممكن تعلمني شو هي الطريقة ؟؟
فقلت له إني ما عرفت الإجابة وخمنت الحرف مجرد تخمين وصدفة !!!
قام الدكتور يضحك مرة ثانية ...
و انا سار فوق راسي مليون علامة استفهام و تعجب
المشكلة أن الدكتور غير قادر على أن يسكت من الضحك .. أما أنا فضغطي ارتفع !
قلت :
دكتور .. إيش الغلط ؟؟؟
قال لي :
إنتا لسا شايف إن السؤال اختيارات ؟!!!
يا ابني ..
هذا اللي فوق سؤال و الاربع فقرات اللي تحت السؤال هذي طلبات أبغاك تجاوب عليها مش عشان تختار منها شئ !!!
عاد أنا صار وجهي طماطم !!
وصرت اضحك على نفسي !!
والدكتور يقول لي :
و الله يا ابني من زمان ما ضحكت مثل كذا ...
يا ابني ...
إنتا لغتك الانجليزية لازم تقويها لان راح تتعب قدام !!!
قلت :
إن شاء الله يا دكتور ...
بعدين .. الدكتور ما قصر جزاه الله خير
يوم جاء للمحاضرة شهّر فيني بين الشباب وفضحني .. و صار يسميني خالد ( ابو الاختيارات )
:: انتهت ::
***********
الحلقة التاسعة
هذا الموقف حصل لأحد زملائي المقربين جداً واسمه عدنان ...
اليوم هو الأربعاء في أول أسبوع من أسابيع الدراسة في الفصل الدراسي الثاني ...
المكان هو قاعة المحاضرات لطلاب السنة الثالثة ...
المحاضرة الأولى لمادة Psychology ( علم النفس ) ...
أثناء المحاضرة ...
أشار الدكتور أن على الطلاب الذين يحملون مواد من السنة الثانية ويرغبون في تسجيل المادة أن يراجعوا وكيل الكلية...
بعد المحاضرة ...
خرجت أنا ومجموعة من الزملاء من القاعة ووقفنا أمام الباب ...
ثم خرج صاحبي الحبيب عدنان من القاعة ...
ولضيق المكان ... ترك باب القاعة خلفه وأعطانا وجهه
بدأن نتجاذب أطراف الحديث ...
ولأن عدنان هذا متفوق - ما شاء الله - ...
بدأنا نمازحه ونطلب منه المبادرة لتسجيل المادة حتى لا يفوته التسجيل !!!
مع العلم أن المادة مسجلة لنا جميعاً ... لكن من باب المزاح
ألححنا عليه كثيراً وبدأنا نخوفه بأن التسجيل أسبوع واحد فقط ... ( ونحن صادقون في ذلك )
إن لم يسجل فإنه يتوجب عليه إعادة السنة بالمادة وحدها !!!
طفش عدنان منا وقال بصوت عالي :
أنتم تسمون هذي مادة بالله عليكم ؟؟؟
مادة كلها حشو وكلام فاضي وما يدخلها ويتخصص فيها إلا المعقدين نفسياً !!!
ولولا إنها مادة إلزامية ولا كان طنشتها ...
في ستين داهية ...
مصدق نفسه الدكتور متعب نفسه ويشرح كلام فاضي !!!
واثناء ما كان عدنان مندفع بكلامه ... كنا نشير إليه بأن يسكت ... ونشير له بأعيننا !!!
لكنه لم يفهم !!!
لم يفهم أن الدكتور كان واقف وراه وقاعد يسمع كل اللي يقوله !!!
ثم اكتشف أن الدكتور وراءه ولكن بعد فوات الأوان ...
فهرب مسرعاً دون أن يلتفت إلى خارج المبنى حتى لا يرى الدكتور وجهه !!!
الطريف في الأمر ...
أن الدكتور بدأ يضحك من كلام عدنان ... وبدأ يقهقه من هروبه بسرعة !!!
وكأن المشهد مسرحية كوميدية ....
انتهت
*******
الحلقة العاشرة
بين أروقة عمادة القبول والتسجيل
*
صار لي موقف محرج جداً جداً ( طبعاً .. جداً جداً هذي نسبية ، ممكن يكون سخيف عند غيري ! ) ، كنت ذاهباً لوكيل عمادة القبول والتسجيل أتوسط لأحد الإخوة المستجدين لأجل أن يقدم له موعد الفحص الطبي ، لأن صاحبنا يريد أن يسافر ...
المهم ... جلست عند وكيل أتحدث معه و ( أسولف وأدردش معه ) تمهيداً للموضوع ، ثم فاتحته به ...
قلت له : الله لا يهنك يا دكتور إن تخلص موضوع الأخ هذا .
قال لي : ما يصلح وما يصير وفيه تعدي على النظام ومن هالكلام ...
قلت له : والله أنا ما جيتك إلا عشان تخلصني ...
ويقوم التمصلح معه والكلام الزين ...
المهم .. وكيل العمادة ماقصر ووافق على الطلب المقدم مني ، وبدأ في كتابة أمر للمعنيين بأن يقدموا لخوينا فحصه الطبي في المستشفى التعليمي .. وانتهى المسؤول من كتابة الطلب ووقع عليه .. مشكوراً ، ثم استدعى السكرتير من أجل أن يحضر له الختم ، ودخل السكرتير .. معه الختم ومعه أوراق أخرى ، قلت مخاطباً نفسي .. بلا لقافة يالخلوق أنت عليك من الختم وبس !!!
وصل السكرتير لمكتب المسؤول قال تفضل الختم ، وهذي أوراق فلان الفلاني .. تقدم بسحب أوراقه قبل شوي وإلغاء قبوله في الكلية ...
تدرون من هو اللي سحب أوراقه ؟؟؟
خويي اللي جاي أنا أتوسط له ... فـ ( طاح ) وجهي قدام الدكتور وأسقطت في يديّ ، كأني أتيت إليه كاذباً و (قاط وجهي في السالفة ) بدون أن يطلب أحد مني شيئاً !!!
وأخيراً ... خرجت من غرفة هذا المسؤول قدميّ لا تحملاني ( خلقة ما تشيلني وشلون وفيه حمل إضافي بعد !! ) وأنا مستحٍ منه كثيراً ، خصوصاً أنه يعرفني جيداً ودرسني في أحد المواد ...
أما خوينا ذاك ... فقد جمع علي المصيبتين :
الأولى : سحب أوراقه وتراجعه عن التسجيل في الكلية ، وقد كنت أتمنى أن يكون معنى في الكلية .
الثانية : أنه (طيح وجهي) عند وكيل العمادة خصوصاً أن الدكتور يعرفني زين وليس شخصاً عادياً لا يعرفني تقول انه ممكن يمشي !!!
في الحقيقة ... أحمد ربي إني لم أرى صاحبي إلا بعد أسبوعين ... ولاكان صار شي مهو طيب
**********
الحلقة الحادية عشر
( صديق ) في معمل الكيمياء !!!
لما كنا في السنة الأولى من سنوات الدراسة كان الخوف من الخطأ في أداء التجارب وما يتبع ذلك من ( تهزيء ) يغشانا ويكتنفنا بدرجة لا يمكن أن توصف ، أضف إلى ذلك أن من معك على مقاعد الدراسة هم أناس لأول مرة تراهم ، وهم كذلك ( دوافير ) المرحلة الثانوية وعلى هذا يلزمك أن تضع لنفسك موطئ قدم بينهم وتثبت للجميع جدارتك بدخولك للكلية .
كنا في معمل الكيمياء ... في الأسبوع الثالث من أسابيع الدراسة ، كان كل فنيي المعمل من الجنسية الهندية وهذا بحد ذاته أمر غريب ، وكنا عندما ندخل المعمل نجتمع على الفني المسمى ( كوشي ) ، ومن ثم يبدأ بشرح التجربة بلغة انجلوهندية - نحن بالدف ما شين بالانجليزي فكيف انجليزية مكسرة - ، وبعد شرح التجربة .. يتجه كل منا إلى المكان المخصص له .
انتهى الشرح ... ذهب كل منا إلى مكانه ، وذهبت إلى مكاني وكان بجانبي أحد الأخوة ( الجريئين فعلاً )، بدأ كل منا بأداء التجربة المكلف بها ( أظنها كانت انتاج الروائح الصناعية مثل رائحة الموز ) وبدأنا نقترب من النهاية .
أنا انتهيت من تجربتي والحمد لله ... وبقيت أنتظر الفني ليأتي ويقيمني ، جاءني الفني وبدأ يسألني عن الخطوات وكنت أجيبه بلغة انجليزية مضحكة جداً ، وفي هذه الأثناء .. تأزمت حال زميلي الذي بجانبي نتيجة نسيانه أنبوب الاختبار ( Test Tube ) في الحمام المائي الساخن ، وبدأ لون المادة الموجودة بأنبوب الاختبار الخاص به يتغير ، فما كان من زميلي إلا أن صرخ وبدأ ينادي الفني الذي يحادثني ويقول له بدون تركيز : ( صديق ... صديق إلحق على هذا فيه خربان ) ، التفت إليه الفني وقد نبتت له قرون من الغضب وقال له أنه ما هوب صديق .. هو ( مستر ) . Mr !!!
وبعدها ... صدنا نعيّر صاحبنا الحبيب ( وهو من أهل القويعية ) بـ ( صديق كوشي ) !!!
****************
الحلقة الثانية عشر
زيارة معلم الأحياء لمعلم التشريح !
من عادتي أنا وزملائي أن ننسق مع بعض المدارس التي نعرفها أو درسنا فيها أو نعرفها بواسطة أحدما أن ننسق لها زيارة إلى كلية الطب ( بجهد شخصي ) ، حيث تقوم إدارة المدرسة باختيار طلابها الحاصلين على درجة الامتياز والتنسيق معهم لزيارة كليتنا ، ونحن بدورنا بمجرد دخولهم بوابة الجامعة نتكفل بالباقي .
حيث نأخذهم بجولة على مرافق الكلية ، وخطة الزيارة بشكل عام كالتالي ... نستقبلهم في بهو الكلية ثم ننتقل سوياً إلى معمل علم وظائف الأعضاء ( الفسيولوجي ) ويجلس فيه الضيوف قليلاً حيث نتداول فيه شروط القبول في الكلية بالإضافة إلى أبرز المواد التي ندرسها ونتحدث عن نظام الدراسة وما إلى ذلك ، ومن ثم نقوم معهم بإجراء بعض التجارب الخفيفة كقياس ضغط الدم وسماع دقات صوت القلب واختبار البصر واختبار قوة التنفس واختبار سعة الرئة وغيرها كثير من الاختبارات ،
وبعد أن ننتهي من معمل الفسيولوجي ننتقل إلى معمل الكيمياء ليقوم الزوار بمشاهدة بعض التجارب كاختبار الحامضية والقلوية واختبار المركبات العضوية وانتاج الروائح العطرية وغيرها ، وفي آخر الزيارة نتجه سوياً إلى معمل التشريح .... إلخ .
الشاهد ... كان في ضيافتنا (قبل الاختبارات النهائية بثلاثة اسابيع) قبل سنتين المدرسة التي درست فيها ( مدرسة الخليج الثانوية بالدمام ) ، وكان مشرف تلك الزيارة المعلم الذي درسني مادة الأحياء - أسأل الله أن يسعده - ، الجميل في الأمر أن كل من كان حاضراً في تلك الزيارة أعرفه جيداً ( كل الطلاب ) ، ابتداء بأخي الذي كان موجوداً معهم وانتهاء بطلاب النشاط الخيري الذي كنت فيه ، وقد قمنا باللفة المعتادة في مبنى الكلية ثم اتجهنا إلى معمل التشريح .
كان الزوار يسيرون أمامنا مع باقي الزملاء وأنا وأستاذي كنا [ نسولف ] سوياً آخر الركب ، قلت له ممازحاً : [ وش رايك أ. عبدالله أوهقك قدام طلابك وأخليك أنت اللي تشرح لهم على الجثة ؟ ] ، فقال لي : [ انتبه تسويها والله ترى أرسّب أخوك ] ، قلت له : [ أخوي لو ناجح خلاص .. نسيت يوم ترمي علي الضفدع بعد شرحته يوم حنا في سنة ثانية ... اليوم القصاص !! ] ، تغير وجه أستاذي وحسيت أنه يحسبني أتكلم بجد فأخبرته أني أمازحه فقط .
دخلنا معمل التشريح ... انقسم الطلاب إلى قسمين : قسم معي على أحد الجثث ، والقسم الآخر على جثة أخرى ، بدأنا نشرح لأخواننا ونريهم أعضاء الجسم على الحقيقة دون صور ، القلب .. الرئتين .. الكبد .. الكلى .. المعدة .. الأمعاء .. الشرايين الدموية والأورطي ... إلخ ، كنت أحرك أحشاء الجثة بدون إحساس أو رحمة لأني تعودت على ذلك ، ولما رفعت رأسي وجدت الوجوه مقشعرة ومتجهمة مما كنت أفعل ، لدرجة أني كنت رفعت القلب عالياً لأوريهم الشريان الأورطي من خلفه فبادرني أحدهم قائلاً : [ شوي شوي .. حرام عليك تسوي كذا !! ] ،
ولما انتهينا وضعت يدي وانا متكيء على فم الجثة تماماً ، وقلت لهم : [ أي سؤال أو استفسار ؟! ] ، فبادرني معلم الأحياء قائلاً : [ ما تخاف الحين هذا يفتح فمه ويعضك ؟! ] ، والله يا إخوان وبدون مبالغة أن رفعت إيدي بسرعة من مكانها وسرت في جسمي رعشة غريبة لا أزال أتذكرها حتى الآن ، وبدأ الجميع يضحكون علي وعلى ردة فعلي المضحكة !!!
*********
الحلقة الثالثة عشر
كيف دخلت كلية الطب ؟!
أود أن أشير إلى أن هذه الحلقة هي حلقة خارجية [ يعني ما أدري وش تبي ] ، لكني وضعتها لأن كثيراً من الأحبة ممن يضيفني على الماسنجر يسألني هذا السؤال ، وبصراحة شيء مقرف ومتعب ويستنزف الوقت والجهد إن الإنسان يقعد يشرح لكل واحد إيش السبب والقصة والدوافع والأسباب ثم يأتي صاحبك ليناقش مرة أخرى [ يعني شغلة بالعربي ] ، فكل واحد كان يسألني أقول له إني سأكتب ذلك باختصار في يوميات طالب في كلية الطب ... فاعذرونا على الخروج من الموضوع .
من أين أبدأ ... ؟!
دعوني أبتدئ منذ أن خرجت على هذه الدنيا ... حيث أكرمني الله بوالدين صالحين ورعين أنشأني نشأة إسلامية وعلّماني كيف أنظر للحياة على حقيقتها ، كانا حريصين جداً على تعليمي أمور ديني وحفظ القرآن الكريم ، دخلت الروضة في مدارس التربية الأهلية ومن أكملت التمهيدي في مدارس رياض الإسلام[ كنا أول دفعة ] ، وبعدهما سُجلت في مدارس الأنصار الأهلية ، أدخلت في حلقة تحفيظ القرآن في مسجدنا من الصف الأول الابتدائي ، ودخلت أول نشاط [ مكتبة ] في صف رابع ابتدائي وكنت حينها مع ثلاثة من الزملاء الوحيدون من المرحلة الابتدائية ، كان والديّ قد رسما لي خطاً كنت اسير عليه ... وهو خط التدين !
كانت أمي - متعني الله برؤيتها معافاة - تغرس فيّ حب العلوم الشرعية وحب القرآن وحب الجهاد أيضاً [ إرهابية ] ، وكنت - بفضل من الله ومنة منه - مستجيباً لذلك ، حتى إنني في الصف السادس الابتدائي لما حصلت على جائزة التفوق على مستوى المنطقة الشرقية أجروا مقابلة معي سألوني عن أمنيتي فقلت : أكون شيخ
في الصف الثاني متوسط ... حصل الانقلاب المفاجيء لتفكيري ولاحت فكرة دخول الطب في بالي ، وذلك يوم أن سكن في الشقق المفروشة القابلة لبيتنا شخصية طبية معروفة ألا وهي الدكتور خالد الجبير استشاري جراحة القلب !
أول مرة رأيته فيها كان قبل سنة [ في الأول متوسط ] حينما أتى لمركزنا الصيفي [ متوسط - ثانوي - جامعي ] ليلقي علينا محاضرة عن القلب السليم ، وإني أشهد الله أن الدكتور خالد دخل قلبي من تلك المحاضرة .
نعود لما كنا نتحدث عنه ... سكن الدكتور خالد أمام بيتنا ، رأيته في صلاة العصر ففرحت لرؤيته كثيراً كثيراً ، لكني لم أتجرأ لأن أذهب وأسلم عليه ، عدت إلى البيت وقلت لوالدي أن الدكتور خالد كذا وكذا وكذا ... ، فشجعني والدي - حفظه الله - على السلام عليه والحديث معه وشكره على المحاضرة التي ألقاها علينا العام الماضي ، وهذا ما حصل بالفعل ... حيث عزمت على فعل ذلك ، فترقبت الدكتور في صلاة المغرب فلم أجده ، وكذلك فعلت في صلاة العشاء !
المصادفة الجميلة ... أن صلى الدكتور خالد صلاة الفجر بجانبي ، وكنت أتلهف لأن أسلم عليه وأسولف معه [ ما شاء الله عليّ رايق من الفجر ] ، انتهت الصلاة فقمت وجلست في مؤخرة المسجد منتظراً للدكتور أن يخرج من المسجد لأسير معه ، لكن الدكتور - كثّر الله أمثاله - جلس في المسجد حتى الإشراق فجلست معه [ وما جلست إلا انتظاراً له فقط ] .
أشرقت الشمس ... قام دكتورنا يصلي الإشراق ، ركعتين .. أربع .. ست .. ثم توجه نحو الباب ليخرج، عندها قفزت لأفتح له الباب وتفاجأ بوجودي وقال : وش مقعدك يا وليدي إلى هالحزة بالمسجد !
يا ربي وش أقول له ، أصلي ؟؟ ولا أقرا قرآن ؟؟ ولا .. ولا .. ولا وشو ؟؟ ولا أقول له إني قاعد ودي أسلم عليك ؟؟ عزمت على نفسي أن أتكلم وقلت له : والله يا دكتور إني شايفك أمس العصر وكان ودي أسلم عليك لكن ما حصل ، فيوم شفتك هالحين قلت أبسلم عليك ولا كان ودي قطع قراءتك !!!
وقف الدكتور ثم التفت علي وناظرني وهو مبستم .. وقال : الحين وش أدراك إني دكتور أنت تعرفني ؟!!
فانفتحت أساريري وأجبته بأني أعرفه وأعرف اسمه وأنه أتانا وألقى علينا محاضرة في المركز العام الماضي ، وإني معجب به وبالقصص التي يقولها [ كل هذا ونحن في الطريق ] ، ثم سألني الدكتور : وش ودك تصير إذا كبرت ؟؟ ما فكرت تصير دكتور ؟؟
تلعثمت ولم أعرف أن أجيبه ... فسألني : كم نسبتك ؟؟
تبسمت وقلت له بفخر : نسبتي 99 % !!
فقال لي : ليش مهيب 100 % ؟!
ثم بدأ يسولف معي وأنا أسمع [ بصراحة نسيت ما كنا نتحدث عنه ] إلى أن وصلنا إلى بيتنا وشقته ... فقلت له بثقة : ورا ما تفضل يا دكتور تفطر عندنا ؟؟ فضحك الدكتور - أسأل الله أن يحفظه - وقال لي بأن أهلي نائمون الآن وبدأ يعتذر ثم طلب مني أصعد معه إلى الشقة ليعطيني هديه !!!
وفعلاً ... تبعت الدكتور خالد ودخلت معه وطلب مني أن أبقى عند الاستقبال و صعد إلى شقته ثم عاد إليّ ومعه شريط فيديو لا زالت أحتفظ به في غرفتي إلى الآن ، وهو شريط " أمراض القلوب" للدكتور خالد الجبير ، ثم شكرته وانصرف كل منا إلى حال سبيله .
بقي هذا الحوار والموقف في نفسي دافعاً لي لدخول كلية الطب ، لدرجة أن دخول كلية الطب أصبح هاجساً فوالله الذي لا إله إلا هو أني كنت أكتب على أي ورقة أجدها بدون شعور : أنا الدكتور فلان بن فلان الفلاني ، وأيضاً : أنا أحب الطب !!!
بل إني في اختبارات الوزارة للصف الثالث الثانوي جلدت طاولتي ثم كتبت عليها بخط يدي [ على فكرة تراني خطاط ] تعلن الخطوط الجوية العربية [ ... ]ـية عن قرب موعد انطلاق رحلتها 1423 من ثانوية الخليج والتي ستحط رحالها في كلية الطب بجامعة الملك فيصل .. فعلى الراغبين الالتحاق بهذه الرحلة ربط أحزمة الجد والاجتهاد !!!
وهكذا ... انهيت الثانوية وقدمت أوراقي على الكلية ، دخلت اختبار القدرات ( قياس ) واختبار الكليات الصحية وأحرزت فيهما درجات عالية جداً - والحمد لله - ، لكني بقيت لا أنام إلا قليلاً ، ولا آكل إلا يسيراً ، كان بالي مشغولاً وفكري مشوشاً بانتظار إعلان نتائج القبول في كلية الطب ، أتذكر تلك الأيام جيداً وكيف لي أن أنساها !!!
في اليوم المحدد لإعلان النتائج ... أذكر أني كنت مستقلياً في [ مقلط ] البيت ، كنت مستغرقاً في التفكير ، مرة يغلبني التفاؤل وتارة يهجم عليّ اليأس ، أغمض عيني لعلي أن أرتاح قليلاً بعد قيامي المبكر من بعد الفجر مترقباً نزولها في الجرائد .
في الساعة 2:46 ظهراً ... وصلتني رسالة على جوالي من أحد الإخوة الأكبر سناً ، وكان نصها : كلية الطب بجامعة الملك فيصل تسعد بإعلانك طالباً فيها .. مبروك يا أبو صالح ، قرأت الرسالة مرة ومرتين وثلاث مرات ، إذ أني لم أستوعبها من اول مرة ، بدأت أقفز وبقوة في كل أرجاء بيتنا وأنادي بأعلى صوت : أنا الآن طالب في كلية الطب أنا الآن طالب في كلية الطب !!!
***********
الحلقة الرابعة عشر
هذا موقف تحكيه لنا إحدى الأخوات [ المتخرجات حالياً ماشاء الله ]
لكن قبل ذلك ... أود أن أشير إلى أن المواقف التي أحكيها عن الأخوات كانت عن طريق موضوع اشتركنا بكتابته منذ زمن !!!
ولم يكن مشافهة أو عن طريق مراسلات ثنائية لا تليق كما يظن البعض
.
أول سنة تدريب ولكن في الطواريء
كنت قد انتهيت من السنة الثانية ... فرحه بإنجازي فيها .. وكأني ملكت الدنيا بانتقالي إلى السنة الثالثة ...
وأخيرا ...
لم يبق على دخولي المستشفى سوى سنه ونصف ... تعلمون ما يعتمل الطالب .. عندما ينهي أي سنة دراسية ...
لكن هذه السنه مختلفه ...
فقد بدأت التدريب الصيفي في مستشفى أسطون ... ومنذ أول يوم في الإجازه ...
لأول مره سأكون في الطوارئ ... كنت أظن أن حياتي كطبيبة بدأت (متفائلة ... أليس كذلك .؟؟؟؟.)
وأخيرا سأرى كيف يتعامل الطبيب مع المريض ...!!!!
مر أسبوع ... أسبوعان ... لم تحدث تلك الإثارة المتوقعة ... لكن الحماس ما زال موجودا ...
تعرفون ما يملأ النفس في أولى سني الدراسة ... تعلمون عن ماذا أتحدث ...
حتى جاء ذلك اليوم ...
كان كغيره من الأيام ... بدأ كسابقه ..
الساعة ال7 أستيقظ ... أفطر .. أستعد للذهاب ..
الساعة ال 7:30 في السيارة
الساعة ال 7:50 في المستشفى
كان الطوارئ كما تركته ... خالي ... تنهدت بأسى .... لا بأس ربما يأتي الفرج ( أتفاول على خلق الله ) !!!
و فجأه وبدون مقدمات حوالي الساعة ال 10 ...
ضرب الطوارئ إعصار ..
سيارتان .. تتوقفان على عجل أمام الباب .. ويتراكض جنديان .. إلى الداخل ...
يصيحان في الممرضات ... أن أسرعوا ... وتداقعت الممرضات بالسرير لحمل المريض ...إلى الداخل
المريض سليم ... لا يوجد به شيء ... إلا في وجهه الملطخ بالدماء ... لم أره جيدا ...
مروا به مسرعين إلى الغرفه الداخليه ...
علمت أنا ومن معي لاحقا ... أنه انفجر في وجهه شيء ما ... خلال إحدى المناورات العسكريه ...
(قالوا بأنه إيطار سيارة ...؟؟؟؟؟!!!!!!! )
تجلدت إحدى زميلاتي ...وسحبتني من ذهولي إلى مشهد أقرب !!!
ويا ليتني ... لم أقترب ...
ياليتني !!!
العينان انفجرتا والمريض ... ينزف منهما وكأنك تستطيع رؤية المخ .. من إحداهما ...!!!
والطبيب المسؤل أخذ يشرح بهدوء .. أننا لن نستطيع في الغالب عمل شيء ...
ربما ننقله إلى مستشفى آخر تتوفر فيه جراحه مخ وأعصاب فهي غير متوفره لدينا ...
لكن لا أتوقع أن يعيش .. لو انتبهتوا إلى العين .. هنا ... انظروا هنا ... وبدأ يشرح بنفس الهدوء !!!!!!!!!!!!!
لم أتمالك نفسي ....
وخرجت مسرعه ..كيف له أن يتحدث هكذا ... وكأن شيئا لم يكن ...!!!
ليصادفني منظر آخر ... أحد أصدقائه وهو يغالب دموعه كان بجانبه ... وقت الحادث ..
وكان يقول كنت بجانبه... كيف حصل ذلك ..
دقائق وامتلأ المكان بالشرطه والجنود ... فانسحبنا من المكان إلى غرفة الممرضات ... لكن المنظر لم يفارقني ..
إلى هذه الساعه ...
رجعت إلى المنزل ... باكرا على غير العاده ...
كنت ... هادئه .. لم أتحدث مع أحد و ذهبت مباشره إلى غرفتي ..
استغرب البيت ... فبالعاده أضجرهم .. بالحديث عن يومي ... وعن ما حصل في المستشفى ..
حتى جاء أبي وأمي .إلي .....ومع بدأ الحديث ... انفجرت بالبكاء ...
لم أستطع النوم لمدة أسبوع والكوابيس استمرت ...
ولم أستطع الذهاب إلى المستشفى ... مات المريض ...
أتذكر .. أن الوالد الله يحفظه أخذني إلى المستشفى بعد إضرابي عن الذهاب ...
لأنه كان مصرا ...أن لايؤثرالموقف علي سلبا ... وتحدث بنفسه مع الطبيب المسؤول ..
مــــــــــــات ...
قالها المسؤول عن الطواريء ببساطه وتابع عمله ... بهدوء ...
قد تستغربون رده فعلي ومنكم من يراها مضحكه ..
فقد كنت صغيره في ذاك الوقت ...نعم... أعتبر السنوات بعد تلك السنه عمر بحد ذاته ...
كانت انتقال من حياة الأحلام .. والمنظار الوردي للحياة .. والطب !
وأنك عندما تكون طبيبا ... لن يقف أمامك شيئ
إلى الواقع أمامك.... وكيف تعلمك الحياة ... من دروسها ...
مازالت بعض الأحلام موجوده ... لكن أصبح لها معنى وهدف ....
لو انتقلنا إلى زمن إخر ...
بعد سنوات ..
وبالتحديد ... سنه خامسه طب ...
عند بدء كورس جراحة الأعصاب ...كان الحديث عن التلف والصدمات ( trauma )
وتكلم الدكتور المؤذن ( أحد استشاريي المستشفى التعليمي )
عن بعض الحالات المستعصية التي جاءتهم في المستشفى التعليمي !
وتحدث عن حاله كانوا قد فقدوا الأمل بأن يعيش ... فقد جاء ....المريض بحاله غريبه ... و ... و ...
لم أتمالك نفسي ... وبالسؤال ... أكتشفت ...
أنا وزميلتي أنه المريض نفسه ...لم نصدق ... ما سمعناه
فسبحان الله الذي لا إله إلا هو القادر على كل شيء ....
المريض الذي ظننته ميتـــــــــــــــا ....
لقد عاش ..عاش .. ولم يمت ... الدكتور نفسه كان مستغربا ...
هزني الموقف من الأعماق ... مرة أخرى !!!
خرجت الطالبات من القاعة مع الدكتور ليروا بعض المرضى ...
وجلست في القاعة .. أتأمل المستشفى من بعيـــــــــــــــــــــــــــــد ...
سبحان الله ... و.......
لا تعليق على ما حدث لاحقا ... !!!!
********
الحلقة الرابعة عشر
مستعجلة على رزقها ... !
تحكي إحدى الأخوات الفاضلات ولنرمز لاسمها بـ [ س ] عن نفسها وعن أحد المواقف التي حصلت لها في أول أيام الدراسة في السنة الأولى ... فتقول :
كنت هادئة جداً وخجولة جداً ، وفي أول أسبوع في الدراسة لم يسعفني الوقت في أن أكسر خجلي وأن أتعرف على أحد الزميلات ، بل كنت منطوية تماماً على نفسي لدرجة أني لا أميز حتى وجوه من معي من زميلات في الدفعة !!!
المهم ...
في ذات يوم ... دخلت [ س ] القاعة متأخرة وجلست في الخلف ، بدأت الدكتورة بالشرح ، تقول الأخت [ س ] : البنات كانوا كلهم يتجاوبوا معاها ويشاركوا ويجاوبوا وأنا مو فاهمة ولا كلمة ، ثم مرت ورقة التوقيع للتحضير والمصيبة أني ما لقيت اسمي !!!
فقمت [ وبكل جرأة ] بكتابة اسمي بخط يدي أسفل القائمة .. ثم وقعت أمامه وأنا غاية في الإكتئاب والألم وضيقة الصدر ، وكنت مصممة في تلك اللحظة على أني أخرج من كلية الطب ، لأني اكشفت إني ما أفهم شي !!!
وفجأة ... قالت إحدى الطالبات : [ س ] في أي سنة أنتي ؟!!
قلت وبثقة : في سنة أولى !!!
قالت لها الطالبة: إحنا طالبات سنة ثانية ... وهذي محاضرة بايوكمستري !!!
..
تقول [ س ] .. : شعرت بشيء من الراحة والطمأنينة بعد أن علمت أني كنت مخطئة في المجموعة ، وعلى فكرة ... نجحت من سنة أولى بامتياز والحمد لله - قولوا ماشاء الله - ...
*************
الحلقة الخامسة عشر
[ وتشوفون إذا ما رسبته ... !! ]
أحد أقرب زملائي لي و لنفرض أن اسمه [ عدنان ] ، هذا الأخ أردني الجنسية ومن المتفوقين في دفعتنا وهو عقلية ليست بسيطة - ما شاء الله لا قوة إلا بالله - ، مما يميزه البساطة والروح المرحة لكنه إن جد الجد فهو فارس عتيبة !!!
المهم ...
لما كنا في سنة ثانية وفي الفصل الدراسي الثاني بالتحديد وفي مادة بغيضة تسمى الكيمياء العضوية [ Biochemistry ] على وجه الخصوص ، حصلت حادثة لأخي عدنان جعلت أحد الدكاترة [ قليلي العقل ] يهدده بالرسوب ، وأخي عدنان أصلاً لا يلزمه من الاختبار النهائي للمادة إلا الحضور للتوقيع والحصول على خمس درجات من أربعين فقط لينجح !!!
مالذي جرى ... ؟!!
جاء الدكتور [ الغبي ] كما يحلو للشباب أن يسموه - وحق لهم ذلك لأنه ماهوب فاهم مادته - ونفسه خايسة لأنه ربما تهاوش مع زوجته قبل لا يجي أو إن ولده سوى مشكلة أو ربما نشب له أحد موظفي الجوازات [ لأنه ساكن بالبحرين ويجينا كل يوم ] ، دخل علينا الدكتور وهو ينافخ ... !
بدأ في شرحه الغبي [ والله لا أبالغ في ذلك ] وخوينا عدنان متحمس معه ويكتب على ورقة خارجية A4 وبالقلم الجاف ، وتعرفون إن القلم الجاف يصير [ يطقطق ] إذا صرت تكتب فيه على سطح خشبي ، الدكتور تنرفز من الصوت [ يحسب عدنان يتعمد فعل ذلك ] ، فأمر صاحبنا إنه لا يكتب على الطاولة مباشرة ولكن يسند على كتاب أو دفتر أو شيء من ذلك .
صاحبنا عدنان استجاب ووقف عن الكتابة كلياً ، وبدأ الدكتور في إكمال شرحه ، وبينما الدكتور يشرح [ قصدي يسمّع السلايد ] بدأ يؤكد على معلومة ويعيدها ، أراد عدنان أن يكتبها لكنه تذكر أمر الدكتور بأن لا يكتب إلا على شيء يسند عليه ، فالتفت إلى زميل وراءه ليطلب منه كتاباً ... !
عندها ... !
الدكتور ما صدق خبر ... وهجم على عدنان هجوم الكلاب وهو يهاوش [ أزعجتنا بالقلم والحين تتكلم ] وأخذ منه القلم وكسره ورماه ثم مسك يد عدنان وسحبه بقوة وجاء به لمقدمة القاعة ثم سأله عن اسمه ورقمه الجامعي .. ثم .. طرده ، وبدأ الدكتور - وأخوي عدنان مهب معطيه وجه أصلاً - يرغي ويزبد ويهاوش وبدأ يقول بصوت عالي : [ وتشوفون إذا ما رسبته ... !! ]
واستمر هذا [ اللي يسمونه دكتور ] يسب ويشتم بطريقة سيئة جداً ، ثم لما هدأ الدكتور من فورة غضبه سأل الطلاب عن اسم الطالب ... فقالوا : [ عدنان العتيبي ] !!!
( عتيبي ... عتيبي ... عتيبي ... عتيبي ... عتيبي )
بدأت هذه الكلمات تترد في ذهن الدكتور وبدأالخوف يدب في أوصاله وظهر على وجهه الارتباك لأنه يخاف من أولاد القبايل الكبيرة وهو قد أساء لأخينا بإساءات كثيرة وكبيرة ، مع العلم أن هذا الدكتور سبق وأن أهان طالب [ عنزي ] لكن هذا الطالب - كما تنقل الروايات - مسح في الدكتور الأرض !!!
انتهت المحاضرة ... فخرجت أنا واثنين من الزملاء من القاعة وبحثنا عن حبيبنا عدنان لنهدئ من روعة ونخفف مما حصل له ، وفعلاً خرجنا نفطر [ فطور غداء ] برى الجامعة في أحد المطاعم ، سولفنا وضحكنا وانبسطنا .. والحمد لله رب العالمين .
لما رجعنا للجامعة [ حطوا في بالكم إننا طنشنا محاضرات ] وجدنا أن الدكتور طلب من أحد الطلاب أن يبلغ صاحبنا عدنان أن يراجعه غداً في مكتبه ، اختلفت آراءنا ... أنا زميل نقول ما فيه داعي إنك تروح ، بينما عدنان والآخر يرون أنه من الأفضل أن يراجع الدكتور ... وهذا ما حصل !
إلى هنا ... ندع عدنان ليتكلم عن نفسه ، فيقول :
ذهبت لمكتب الدكتور .. طرقت الباب .. دخلت [ طبعاً بدون سلام ] ، تفاجأت بأن الدكتور رحب بي ثم بدأ يتحدث عن الموقف الذي حصل وأنه راجع درجاته ووجد أني من المتفوقين وأنه بالأمس كان تعبان نفسياً من مشكلة حصلت له ويطلب مني أن أعذر انفعاله الغير مبرر !!!
يقول عدنان :
تفاجأت من تصرف الدكتور ... لكنه زادني جرأة لأن [ أهزأه بأدب ] فقلت له بأني لم أتكلم في القاعة ولكني طلبت كتاباً لأسند عليه حتى لا أزعجه ، وأما قضية الرسوب فإني احتراماً لك يا دكتور ما حبيت أقول في وجهك إنك ما تقدر ترسبني .. و .. و .. إلخ ، وبصراحة يا دكتور أنت أهنتني أمام القاعة فحبذا لو تبين لهم أنه ما حصل سوء فهم وأنك ما تقصد الكلمات التي قلتها !!!
المهم ...
لما جئنا نحن في اليوم الثالث للمحاضرة الثانية من نفس المادة في الأسبوع [ طبعاً لم نكن نعلم بما جرى بينهما وعدنان لم يخبرنا إلا لاحقاً ] تفاجأنا بأن الدكتور يعتذر إلى أخينا عدنان ويثني عليها ويقول أنه من افضل الطلاب علماً وأدباً وأن ما حصل المرة الماضية كان بدون قصد ونتيجة سوء فهم من قبل الطرفين .. ثم ختم الدكتور كلامه بقوله : ولو عندي بنت كان زوجته الأخ عدنان !!!
فتدخل أحد الظريفين [ ووالله ما أدري من هو ! ] فقال : لا تغلط عليه يا دكتور مرتين !!!
فضجة القاعة بالضحك ، انتهى الموقف ... ولكننا كلنا - أنا وعدنان وباقي الطلاب - إلى الآن لا ندري ما السر الذي دفع الدكتور إلى الأعتذار [ مع أنه شيء مستبعد نهائياً في العادة ] !!!
.
*** أود أن أشير إلى هذا الدكتور ممن تجوز غيبته ***
**************
يقول أحد الأخوة
طلاب الطب ومرضى الإيدز
(1)
أحد الزملاء يحكي عن نفسه ويقول :
لا أذكر أني تصرفت في حياتي تصرفاً عاطفياً في المستشفى إلا مرة واحد ، وكل ما تذكرت ذلك الموقف يؤنبني ضميري وأحس أني لم أتصرف بحكمة ..
السالفة باختصار أني كنت مناوب وأنا في مرحلة الامتياز " يعني السنة السابعة " ، كنا في الطواريء فدخل علينا رجل تنزف أحد أعضاء جسمه ، فاقتربت منه وأردت ألمسه فصرخ في وجهي وهو يتألم : البس قفاز .. البس قفاز .. أنا مريض بالإيدز ودمي ملوث فإلبس قفاز عشان ما ينتقل لك !!!!!!!!!!
أخذتني نفاظة عجيبة هزت كل جسمي !!!!!!!!!
إييييييدز مرة واحدة !!!!!!!!
رجعت إلى الوراء بسرعة وتركته وذهبت للطبيب المناوب وقلت له إن فيه مريض لازم يدخل داخل المستشفى وما يكفيه الطواريء لأنه مصاب بالإيدز ولازم أي تعامل معه يكون مقنن ومضبوط ، ناظرني المناوب وقال لي : من جدك إيدز ؟؟؟؟؟
قلت : طال عمرك هذا اللي يقوله المريض
فراح بسرعة للمريض وقال له : للأسف السراير عندنا زحمة في ( الإن بيشنت ) يعني قسم المرضى الداخلي ، وتركه عشان هو بنفسه يطلع من المستشفى .. أنا استغربت .. كيف المستشفى ما فيه سراير وأنا بنفسي توني مريت من غرفة فاضية ؟
رحت وطلعت وأنا أجري إلى فوق عشان أتأكد ولقيت إنه في أسرة فاضية لكني فسرتها بأن صحابي الطبيب المناوب يبغى يصرف المريض حتى يبعد نفسه عن المشاكل ، ويوم شفت السالفة كذا رحت كتبت تقرير على أن المريض يحول لمستشفى آخر ( بدل ما يقعد طايح في الطواريء ) ، ورحت عطيته المريض ..
وكل ما تذكرت أنا هذا الموقف أتألم فعلاً وأحس أني مقصر ..
بس من جد يا إخوان ما أعتقد إني ممكن أغامر بنفسي عشان واحد ما أعرفه !!
ويظل مرض الإيدز بعبع للمريض وحتى للطبيب ..
**********
طلاب الطب ومرضى الإيدز
(2)
واحد من الشباب معي في الدفعة ( طبعاً الكلام للخلوق ) سافر مع بعثة علاجية خيرية لأحد الدول ، يستقبلون الناس ويعالجونهم .. منها علاج ومنها دعوة ، يسوون العمليات البسيطة ويخيطون الجروح يصرفون أدوية الأمراض المعدية وهكذا
يقول صاحبي وأترك المجال له :
مرة وأنا في المجمع الطبي جانا واحد طويل عريض في جرح طويل في إيده ، قام الطبيب الذي معي بتنظيف الجرح ثك حوله علي لأقوم بتسكيره عن طريق الخياطة ، طبعاً ذولاك الأوادم فيهم جلافة ما تتصورونها ، المهم بديت أخيط غرزة .. غريزتين .. ثلاث .. الرابعة دخلت الأبرة مع الحماس في إيدي وطلع مني دم !
كملت ولا كأن شيء صار .. ولما انتهى الدوام رجعنا آخر اليوم ونسولف ، فقلت للطبيب زميلي : والله يا أخي إذا الواحد مستمتع بمهنته ما يحس بأي شيء ، تصدق اليوم وأنا أخيط جرح أحد المراجعين دخلت نص الأبرة في الإيدي فطلعتها مرة ثانية ولا كأن شي صار وكملت !
قال لي زميلي : إيش إيش إيش ؟؟؟؟؟
منتب صاحي والله !!!!
هذولا منتشر فيهم الإيدز بشكل غير طبيعي ، لا عمرك تعود لهذا الشيء ، ولازم تنتبه المرة الجاية ومو تلبس قفاز واحد بس ، لا ... إلبس قفازين !!!!!
نام الدكتور اللي معي وأنا ما ماجاني نوووووم ، قعدت أفكر في إن الإيدز جاني وإني خلاص ما راح أتزوج وما راح أحد يقبلني ، وراح تنظر لي الناس نظرة سوداوية ... ومن هالكلام !
والله إني ما تهنيت بباقي الأيام .. حتى اللي معي يقولون وش فيك تغيرت ؟ وين ضحكك ووناستك ؟
فأجاملهم بضحكة عشان يسكتون ..
لمّا رجعنا على طوووووووووووول على مختبر خاص - حتى ما رحت لمستشفى عشان ما ينشبون لي - ، وأحلل وأنتظر النتيجة يومين على أحر من الجمر ، كانت تمر الأيام ببطيء شديد جداً جداً ، والله بعد يومين أروح والحمد لله ألقى نفسي سليم ، والله قعدت أصيح من الفرحة لأني كنت تحت ضغط رهيب جداً جداً ، ورجعت للبيت وأنا فرحان ومبسوط واقولهم وش السالفة من أولها لأخرها ... عاد أمي حرمت علي أروح مرة ثانية
************